سيئون-
الخميس 01/مايو/2025
-
06:42
موجة متوسطة
756 KHz
موجتا FM
95.4 MHz
89.5 MHz
كيف تقيم البنية التحتية في حضرموت... المياة والصرف الصحي مثلا
جيدة
مقبولة
ضعيفة
نتائج التصويت
حالة الطقس:
انقر هنا للتعرف على أحوال الطقس فى مدن المحافظة
مفاتيح المدن:
انقر هنا للتعرف على ارقام مفاتيح مدن الجمهورية
تهــاني :
سجـل تهانيك لمن تحب هنا
تعـــازي :
سجل تعــازيك هنا
الرئيسية
/
أهم التقارير
/
حسين أبو بكر المحضار: شاعر حضرموت الأصيل وصوتها المتجدد
[الأحد: 27 أبريل 2025م مصدر الخبر : سيئون/ موقع إذاعة سيئون /كتابات واراء كتب / الدكتور عبدالناصر سعيد محمد البطاطي]
يُعد الشاعر حسين أبو بكر المحضار (1930–2000م) واحدًا من أبرز الأصوات الشعرية التي أنجبتها حضرموت في العصر الحديث، وعَلَمًا فريدًا في سماء الشعر الغنائي الحضرمي والعربي. جمع في تجربته بين الأصالة والانفتاح، وبين المحلية والعالمية، مقدمًا نموذجًا متفردًا للشاعر الذي استطاع أن يُعبِّر عن هوية مجتمعه، وفي الوقت ذاته أن يتجاوز بها الحدود ليصل إلى فضاءات أرحب من الانتشار والتأثير.
ولد الشاعر الكبير حسين أبو بكر المحضار في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت، وهي المدينة التي عُرفت عبر التاريخ بكونها مركزًا ثقافيًا وتجاريًا وروحيًا. وقد نشأ في بيئة دينية صوفية؛ فوالده أبو بكر بن حسين المحضار كان فقيهًا صوفيًا، ما أضفى على تجربته الشعرية بُعدًا روحيًا عميقًا. تلقى المحضار تعليمه الأولي في الكتاتيب والمساجد، ثم واصل اطلاعه الذاتي على كُتب التراث العربي والدواوين الشعرية. وكان لنشأته في بيئة بحرية ساحلية أثر بالغ في تشكيل خياله وصوره الشعرية.
تميز شعر المحضار بلغة سهلة ممتنعة، تنهل من معين اللهجة الحضرمية العامية، لكنها لا تفقد رهافتها الشعرية وعمقها الدلالي.
وقد كتب قصائده غالبًا بلغة عامية فصيحة، تمكنت من النفاذ إلى وجدان الجماهير عبر الأغنية.
وكانت شراكته الإبداعية مع ملحنين كبار مثل أبو بكر سالم بلفقيه وكرامة مرسال وآخرين سببًا رئيسًا في ذيوع شعره وانتشاره خليجيًا وعربيًا؛ حيث غنَّى له أبو بكر سالم معظم إنتاجه الغنائي، وجعل من قصائده وسيلة للتعبير عن الشجن والحنين والكرامة والحب والانتماء. وقد لامست موضوعات شعره قضايا الإنسان الحضرمي والعربي، بين الحب والتغريب، وبين النضال والهوية، دون أن تفقد بُعدها الجمالي والوجداني.
ففي قصيدة يا رسولي توجه بالسلامة، تتجلى عاطفة المحضار نحو وطنه وحنينه الموجع، فيما تحمل قصائد أخرى مثل: سر حبي فيك غامض، سلام يا أحباب قلبي، العشق بلوى، الجبر خالد، رضى الهاشمي، وغيرها، روحًا عاطفية رقيقة لا تخلو من عمق فلسفي خفي. لم يكن المحضار مجرد شاعر عاطفي، بل كان أيضًا مثقفًا مشغولًا بقضايا وطنه وشعبه، وإن جاء ذلك في ثنايا شعره بأسلوب غير مباشر. كانت حضرموت حاضرة في معظم أعماله، ليس بوصفها مكانًا جغرافيًا فحسب، بل كهوية وثقافة وروح.
وقد أسهم شعره في ترسيخ صورة حضرموت كموئل للفن والجمال والكرامة، وكجسر يربط بين الداخل والخارج، وبين المحلية والعالمية.
نال المحضار في حياته وبعد وفاته تكريمًا واسعًا، واعتُبر رمزًا من رموز الشعر الحضرمي والعربي. وقد أُنشئت مؤسسات ومراكز ثقافية تحمل اسمه، وأُدرجت أعماله ضمن مناهج دراسية وأبحاث أكاديمية، وصدرت عن تجربته كتب ودراسات نقدية.
ولا تزال وستظل قصائده تُتداول، ويُعاد تلحينها وتغني بها حتى اليوم، في دلالة على خلود أثره في الوجدان العربي. لقد شكَّل حسين أبو بكر المحضار ظاهرة شعرية متفردة في الأدب العربي الحديث، بما امتلكه من قدرة استثنائية على المزج بين البساطة والعمق، وبين الشعبي والنخبوي، وبين الزمان والمكان.
ويبقى شعره سجلًا وجدانيًا وثقافيًا لا يُقدَّر بثمن، يُوثِّق تحولات حضرموت ويمدُّها بطاقة متجددة من الإبداع والأمل. رحل حسين أبو بكر المحضار، لكنه ترك وراءه خزانة شعرية زاخرة لا تزال تنبض بالحياة، وتغني على شفاه العشاق والباحثين عن الجمال الخالص. سيبقى صوته، ممزوجًا بصوت البحر وصدى الأغنيات، عنوانًا خالدًا لحضرموت وهوية لا تموت.